السبت، 29 سبتمبر 2012

كيف تصبح من المخابرات المغربية؟




في الآونة الأخيرة بدأت الإدارة العامة للأمن الوطني تجند عناصر الإدارة العامة لمراقبة التراب الوطني الـ"ديستي"،
 عن طريق مباراة توظيف خارجية، بعيدا عن الطرق التقليدية للتوظيف في المخابرات الداخلية المُكنى عنها "مول الغابة"
، بينما ما تزال مديرية الدراسات وحفظ المستندات "لادجيد" تجوب دول العالم بحثا عن "طيور مهاجرة نادرة" وفتح مباريات توظيفن تحت مسمى
 المؤسسة العمومية، من أجل تدعيم عناصرها بموارد بشرية تستطيع الدفاع عن مصالح وطننا،
 إلا أن اللافت هو لجوء المخابرات الداخلية إلى تأنيث
الجهاز في السنتين الأخيرتي .
 تعتمد على عنَاصر الكفاءة والكثمان والايمان بالملكية بآقتناع .
ياسن المنصــوري / مدير لادجيد .


في الاوجه الأخرى للمخابرات المغربية (الديستي)، تكثر طرق تجنيد المجندين وتتعدد مصادرها؛ فمن إدماج
عناصر شرطة الأمن وانتقاء العناصر
المتوفرة فيها شروط النباهة والتكوين والتكوين اللغوي، إلى اختيار "رؤوس الحربة" في صفوف طلبة المعاهد والمدارس العليا، إلى إدماج بعض
حاملي الشواهد العليا، إلى تجنيد أطر المؤسسات العامة والخاصة، وخاصة في صفوف الأحزاب والنقابات والمؤسسات الإعلامية، بمختلف مشاربها،
كلها سبل يعتمدها هذا الجهاز الأمني المخابراتي لتدعيم هياكله بالأطر. إنها طرق باتت "عتيقة" ولا تتماشى مع متطلبات زمن العولمة والإكراهات
المتزايدة والمتعددة للعمل المخابرات، على أن الإصلاحات الأمنية وإعادة النظر في الظهير المنظم لمديرية الأمن
الوطني، في السنة الماضية، سبقته إجراءات تطبيقية على الأرض، مست جوهر "انتقاء" عناصر هذه الهيئة الأمنية، بل وجعل طرق ذاك الانتقاء
أكثر شفافية، تستجيب وما تدعو إليه السلطات العليا من ضرورة الأخذ بالحكامة والشفافية. لكن الملفت في النظر هو أن استجابة مسؤولي الأمن
ببلادنا لدعوات السلطات العليا ذهبت إلى حد الاقتداء بالدول الغربية، في ما يتعلق بطريقة توظيف عناصر الـ"ديستي"، حيث بدا أنه من الملف
للنظر، أن تعلن إدارة الأمن الوطني، في سنة 2009، عن حاجتها لـ100 رجل وامرأة للعمل في هذا الجهاز الأمني. وتكشف المصادر أنه جرى
تعيين أزيد من 100 عنصر جديد من بينهم 14 فتاة، جرى اختيارهن بعد مباراة دارت في أحد مقرات المديرية العامة لمراقبة التراب الوطني
بتمارة. الإدارة العامة للأمن الوطني حددت شروطا صارمة ومحددة لاختيار هذه العناصر، لاسيما النساء المراد تجنيدهم، واللائي سيجري اختيارهن
بناء على توفرهن على عدد من الشروط، أبرزها التفوق الدراسي، والوضع الاجتماعي بحيث أن لا تكون متزوجة، على الأقل في مرحلة التوظيف
ولا يسمح لها بذلك إلا بعد أداء فترة من الخدمة، وبشروط تحت طائلة الفصل من العمل، هذا بالإضافة طبعا إلى "أونكيت" على المرشحة للعمل مع
هذا الجهاز، يشمل علاقاتها بالمقربين منها والعائلة، وانتماءاتها السياسية والجمعوية إن كانت.
المبارة التي تم تنظيمها من طرف إدارة "الديستي"يشارك فيها أزيد من 600 مترشح ومترشحة، خضعوا دون علمهم بذلك إلى تقارير "تشخيصية
صارمة" تَحوطا من أن يكون هناك تسريب من قبل "الجماعات المتطرفة"، أو من طرف منتمين سياسيا لكن غير معلِنين لذلك الانتماء.
ويتم  تعيين "لجنة أمنية خاصة" تضم ضباطا بإدارة مراقبة التراب الوطني للإشراف شخصيا على عمليات التحقيق في الطلبات
المقدمة لاجتياز المباراة، سواء من الذكور أو الإناث، وركزت اللجنة على "بروفايلات" المرشحين الذين يتقنون اللغات، ويتوفرون على تكوين
جامعي عال، مع التركيز أكثر على المرشحين الذين يتوفرون على شهادات في تخصص العلوم السياسية، وعلى فتيات بالإضافة إلى أنهن مكونات
تكوينا علميا جيدا، فإنهن حسناوات كذلك. هؤلاء تلقوا تدريبا مكثفا وتنوعا قبل أن يحصلوا على شواهد تخرجهم برتبة مفتشين ومفتشات أو ضباط
وضباطات. المثير إذن في الطريقة التي بدأت مديرية "الديستي" تنهجها لاختيار المرشحين للعمل في أقسامها هي مختلِفة تماما عما عهدناه في
السابق، حيث لم تعمد إلى اختيار عناصرها من صفوف متدربي الشرطة بالمعهد الملكي للشرطة بالقنيطرة،
 أو مدرسة الشرطة
 ببوقنادل، ناحية سلا،
أو ممن يعملون أصلا بأسلاك الشرطة، بل إن اعتمادها على نشر إعلان عمومي موجه إلى كل من تتوفر فيه شروط اجتياز المباراة الخارجية، يعتبر
 "منعطفا مثيرا" يعلن عن بداية "تطليق" إدارة الأمن الوطني لأساليبها القديمة، التي ما فتئت تثير الكثير من المؤاخذات من طرف مختلف مكونات
المجتمع. واللافت أيضا للانتباه هو أن تلك المباراة فُتحت أيضا حتى في وجه المغاربة المقيمين بالخارج، وهو ما يؤشر على أن هذه الإدارة، ربما
فكرت في الاستفادة من إمكانيات بعض المهاجرين الشباب، الذين يتوفرون على الكفاءة التعليمية واللغوية، وهو ما قد يشكل جانبا آخر "للتنافس"
وربما لـ"التصادم"، لم لا، مع جهاز المخابرات العسكرية الخارجية، "لادجيد"، التي تعتَبر "المجال الخارجي" حكرا على عناصرها، سواء كحقل للعمل
أو للتنقيب عن "الطيور المهاجرة النادرة"،

الحديث عن كيفية تجنيد موظفي الجهازين المخابرتين الرئيسيين في البلاد، يحيلنا على طرح السؤال عن الكيفية أيضا التي يتم بها اختيار عناصر
باقي الأجهزة المخابراتية المغربية، التي يبلغ عددها بالإضافة إلى الجهازين السابقين، 15 جهازا، موزعا بين أجهزة مدنية وعسكرية وشبه
عسكرية. وتشير المعطيات المتوفرة، من خلال رصد مصادر مختلفة، انها تكاد تكون هي نفس الطرق التي تم الإشارة إليها سابقا، والتي تتركز
بالخصوص على عناصر الكفاءة والكتمان وعدم الانتماء السياسي أو الإيديولوجي إلى هذه المنظمة أو تلك. إلا أن الأمر يختلف بالنسبة للمؤسسة
العسكرية، التي يصعب عليها اختيار عناصرها المخابراتية، نظرا لطبيعة عملها وضيق مجال اشتغالها، وهو ما يجعل التكوين العسكري الإطارَ المحدد
أكثر لتجنيد عناصر مخابرات هذه الأجهزة، لكن ذلك لا يمنع من انفتاح هذه الأجهزة على المدنيين من خلال بث "متعاونين وعملاء، هنا أو هناك،
تحت غطاء اللباس المدني، الذي يسمح له بولوج المؤسسة العسكرية من منظور الموظف في سلك الوظيفة العمومية، أو في دثار عباءة العامل في
القطاع الخاص، الذي يحتك بمؤسسة الجيش بشكل دائم، كما هو الأمر بالنسبة للممونين مثلا للمؤسسة بمختلف مستلزمات الحياة.
فالمغرب يتوفر حاليا على 15 جهازا استخباراتيا، تتوفر على إدارة مركزية وملحقات وتفرعات ومكاتب للتنسيق تابعة لها في مختلف ربوع المملكة.
 وتكاد شبكة المخابرات بالمغرب تكون جد معقدة، سواء من حيث البنية او من حيث مجال اشتغالها.
وعلى مستوى المخابرات ذات الطابع المدني فإن وزارة الداخلية تتوفر على خمسة أجهزة مخابرات؛ أولها مديرية الشؤون العامة، التي تعتبر البنية
التحتية لكل أجهزة المخابرات المغربية، من حيث كونه يقدم المادة الأولية، في الغالب، لجل الأجهزة الأخرى. ويعمل هذا الجهاز حاليا بحرفية عالية
وكفاءة تثير اهتمام المتتبع، ومهمته جمع وتصفية وتصفيف المعلومات البسيطة والخام حول المواطنين، التي تمر عبر مصادر وسلسلة عريضة،
ابتداء من الوالي والعامل، ومرورا بالباشا والقائد، ووصولا إلى الشيوخ والمقدمين. ويستطيع هذا الجهاز أن يعمل حتى في أقصى وأنأى مناطق
المملكة، لكونه يتوفر على موارد بشرية كثيرة يتجلى بالخصوص في جيش من أعوان السلطة، الذين لا يمكن حصرهم فقط في المقدمين والشيوخ.
ولهذا الجهاز مكاتب لدى جميع المصالح الخارجية لوزارة الداخلية، أي أنك تجد في كل عمالة أو باشوية أو قيادة مكتبا للشؤون العامة. وهناك أيضا
جهاز الاستعلامات العامة التابع للإدارة العامة للأمن الوطني، وهو مكلف بجمع المعلومات السياسية، في المجال الحضري، وتتكلف عناصره بتغطية
كافة المظاهرات وجميع النشاطات الحزبية وجمعيات المجتمع المدني. لكن النقطة الأكثر فاعلية لهذا الجهاز، حسب المتتبع، تتجلى في أنه يتوفر على
قسم مهم مكلف بالتنسيق مع مجموعة من الناشطين، بغرض "التشويش" على الناشطين في المجال الحقوقي وإحراجهم....

أشترك ليصلك جديد الدروس والمواضيع!



Twitter Delicious Facebook Digg Stumbleupon Favorites More